كان عام 2022 عام مواجهة التحديات الاقتصادية في جميع أنحاء العالم حيث كانت تحاول كافة المؤسسات المحلية والدولية تخطي العواقب الاقتصادية ما بعد جائحة كورونا (كوفيد–19) وما ترتب عليها. وبدأ العام بارتباك في حركة التجارة العالمية واضطرابات في سلسلة التوريد، بالإضافة الى معاناة الاقتصادات من كميات هائلة من الديون الداخلية والخارجية، ومعدلات التضخم المرتفعة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وانخفاض قيمة العملات، والعديد من الارتفاعات في أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم.
كل هذه العوامل كان لها أثرها على الاقتصاد الكويتي وأسواق رأس المال، ومع ذلك كان عاماً مثمراً لمنصة OTC في بورصة الكويت بشكل عام وكما كان الاتجاه السائد على مدار السنوات الماضية مع زيادة ثقة المستثمرين وسهولة التداولات على تلك المنصة، فقد زاد عدد المشاركين في نظام تداول الأوراق المالية غير المدرجة – منصة OTC إلى 121 شركة في عام 2022، ومن ضمنها 43 شركة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. والجدير بالذكر أن منصة OTC انطلقت في عام 2018 بـ88 مشاركاً حتى وصلت إلى 106 مشاركاً في عام 2021.
ومن أبرز العوامل الرئيسية التي ساهمت في انضمام 20 شركة جديدة غير مدرجة إلى منصة OTC في التداول المستمر Hybrid Market هذا العام، قرار هيئة أسواق المال رقم 103 لسنة 2022؛ الذي يلزم على قيد الشركات المساهمة الكويتية التي صدر قرار بإلغاء إدراج أسهمها من السوق الرئيسي للبورصة، في (نظام الأوراق المالية غير المدرجة) من خلال التداول المستمر. وساهمت هذه الخطوة في غرس الثقة في منصة OTC وزيادة إلقاء الضوء عليها مثلما حدث في عام 2020 عندما انضمت شركة بورصة الكويت للأوراق المالية للتداول على المنصة قبل إدراجها في بورصة الكويت (السوق الرئيسي) لاحقاً، مما كان له أثر إيجابي على حجم وقيمة التداولات حين ذاك.
كما كان لافتا خلال عام 2022 الزيادة في صفقات الاندماجات والاستحواذات، وهذا الأمر تمت الإشارة إليه في التقرير السنوي للعام الماضي. وفعلا نظرا لحاجة الشركات في البحث عن الفرص الاستثمارية في السوق التي تساعد على تنويع إيراداتها والمحافظة على ديمومتها اتجهت مجموعات استثمارية عديدة بتنفيذ أكثر من 9 صفقات عمليات اندماج واستحواذ في سوق الشركات غير المدرجة خلال العام مما ألقى بظلاله على حركة وحجم التداولات بزيادة واضحة.
ويمثل إجمالي رؤوس أموال لـ 121 شركة التي تتداول بنظام Hybrid - 2.44 مليار دينار كويتي في ديسمبر 2022، وكان هناك تداول ملحوظ في 107 شركة منهم على مدار العام. كما زادت القيمة السوقية لـ 93 شركة كان يتم تداولهم بنشاط في عامي 2021 و2022 على التوالي بنسبة 13% على أساس سنوي، مما يرسخ الثقة في فاعلية السوق وبث نظرة إيجابية على الأمدين القريب والبعيد. وشهدت تداولات الأوراق المالية غير المدرجة في بورصة الكويت في عام 2022 أداءً أفضل مقارنة بعام 2021 حيث بلغت قيمة التداولات 224.6 مليون دينار كويتي بزيادة 32% عن عام 2021 والتي بلغت قيمة التداولات فيه 170.2 مليون دينار كويتي. أما بالنسبة لحجم الأسهم وعدد الصفقات المتداولة، فقد تم تداول 347 شركة لـ 4.53 مليار سهم تم تنفيذها من خلال 5,518 صفقة خلال عام 2022، بينما في عام 2021، تم تداول 361 شركة لـ 4.65 مليار سهم تم تنفيذها من خلال 5,674 صفقة. مما يعكس انخفاض قدره 3% على الصعيدين مقارنة بالعام الماضي نتيجة لانخفاض نشاط الشركات غير المدرجة التي تتداول من خلال صفقات خاصة في عام 2022، مما أثر على الأداء العام للسوق على الرغم من الأداء الأفضل للشركات المسجلة للتداول المستمر Hybrid Market خلال العام.
ونجد أن شركات قطاعي الخدمات والقابضة كان لهم النصيب الأكبر في تداولات أسهم الشركات غير المدرجة لهذا العام؛ حيث هيمن قطاع القابضة على عدد الصفقات المنفذة بواقع 1,651 صفقة وبلغ حجم الأسهم المتداولة 2,334 مليون سهم. ومن ناحية أخرى، هيمن قطاع الخدمات على عدد الشركات المتداولة بـ 118 شركة وبلغت قيمة الأسهم المتداولة 97 مليون دينار كويتي. أما بالنسبة للشركات المنضمة للتداول المستمر Hybrid Market على منصة OTC في عام 2022، فقد زاد عدد شركات قطاع العقارات بنسبة 30%، يليه قطاع الخدمات بنسبة 25%، ثم قطاع القابضة بنسبة 20%. ومن الواضح أن النمو في قطاعي القابضة والخدمات يؤكد على أهميتهما في سوق أسهم الشركات غير المدرجة ذات الطلب المتزايد باستمرار.
ومن الملاحظ لهذا العام، بمقارنة عامي 2021 و2022، فإن الانخفاض الهامشي في حجم الأسهم المتداولة المصاحب للارتفاع الملحوظ في قيمة التداول يشير الي تداولاً أكثر تركيزاً وقيمة في قطاعات وشركات محددة. مما يعكس اهتمام شريحة واسعة من المستثمرين الباحثين عن مصادر التمويل واغتنام الفرص الاستثمارية وتنفيذ استراتيجيات التخارج من خلال منصة OTC. وفي ظل محاولات الشركات إلى البقاء في ظل الظروف الاقتصادية القاسية، كانت عمليات الاندماج والاستحواذ مسيطرة على السوق بمثابة استراتيجية نجاة للشركات غير المدرجة. علاوة على ذلك، للعام الثاني على التوالي، ظهر عامل الموسمية في تداول سوق الأسهم غير المدرجة متبعاً نفس اتجاهات العام الماضي حيث شهد السوق نشاطاً أكبر خلال الربع الأخير من العام وبعد شهر رمضان المبارك.
وختاماً، إن التغيرات الاقتصادية والجيوسياسية التي حدثت في النصف الثاني من عام 2022 ستلقى بظلالها على العام الحالي 2023 وستؤثر على الأسواق بشكل عام. وسوف يكون التركيز على البحث عن الشركات ذات التوزيعات النقدية على حساب الشركات الأخرى ويتحول المستثمر من مضارب إلى إستراتيجي انتقائي يبحث عن الشركات ذات النمو المستدام. بالإضافة إلى التركيز على تنويع المحفظة الاستثمارية للحد من المخاطر والمحافظة على قيمة المحفظة في ظل التقلبات الاقتصادية.
وبالنظر إلى عدد الشركات فكان عام 2022 عاماً مميزاً من حيث عدد الشركات المدرجة على منصة OTC، ومن المتوقع أن تتبع نفس النهج في النمو نتيجة لزيادة الوعي بالمنصة وتوفير سهولة وشفافية بالتداول، بالإضافة إلى قيام المنصة بدور فعال في تحقيق أهداف مساهمين الشركات في قطاعات متعددة. وسوف يرتبط حجم تداولات الأسهم في الشركات غير المدرجة بالنهج العام في تداولات أسهم الشركات المدرجة في السوق الرئيسي لبورصة الكويت.