الراي -رأى نائب رئيس مجلس الإدارة في شركة مجموعة عربي القابضة، حامد البسام، أن وضع الاقتصاد الكويتي لا يسر، معتبراً أن الحكومة لم تفعل شيئا لدعمه، ولم تنفذ الخطط التي وضعتها، أو تلتزم بما طلبته الجهات الدولية في هذا الخصوص.
واعتبر أن الحكومة أخطأت بإنشاء المحفظة الوطنية، داعياً إياها إلى البدء بإصلاح البنية التحتية وتطوير القطاع النفطي،
وطالب البسام في مقابلة مع «الراي» بضرورة إعادة النظر بالاقتصاد وتنويعه، منوها بأن انخفاض أسعار النفط انعكس على المقاولات، إذ إن كثيراً من المشاريع لم تطرح لهذا السبب، والدولة لم تف بتعهداتها بتعاملها مع شركات المقاولات، خصوصا ما يتعلق بالدفعات المستحقة.وفي حين قال انه «من الضروري أن يكون للشركات الأجنبية وكيل محلي، لتنفيذ المشاريع على مستوى عال من الجودة، مضيفاً أن بيئة الأعمال غير جاذبة للمستثمر الكويتي، فكيف ستكون جاذبة للأجنبي؟ أشار إلى تخارجات متوقعة للشركة من أصول غير مجدية.
وشدّد البسام على أن تنفيذ مشروع مستشفيات الضمان الصحي رهن إرادة الحكومة، لافتاً إلى أن»عربي»أودعت منذ سنتين المبالغ المستحقة علينا، وهي 26 مليون دينار، والهيئة العامة للاستثمار من جهتها أودعت المبالغ المستحقة عليها، قائلاً «نحن والحكومة نملك 50 في المئة من رأس المال، والـ 50 في المئة المتبقية يفترض توزيعها على المواطنين، لكن لا نعرف هل توزع مجانا أم ان الحكومة هي من سيدفع قيمتها، لكن بكل الأحوال يتوجب على الحكومة أن تودع قيمة الحصة المخصصة للمواطنين».
وفي ما يلي نص المقابلة:
• كيف تقرأ المشهد الاقتصادي؟
- وضع الاقتصاد الكويتي حالياً لا يسر، هناك عوامل كثيرة تسببت بذلك، فالحكومة لم تفعل شيئا لدعم الاقتصاد، ولم تتجاوب أو تنفذ الخطط التي وضعتها، كما لم تلتزم بما طلبته الجهات الدولية مثل البنك الدولي والجهات الاستشارية الأخرى التي قدمت نصائح للحكومة عقب الأزمة المالية العالمية.
والاقتصاد المحلي يعتمد على الشركات خصوصاً المدرجة في السوق، والشعب الكويتي هو من يملك هذه الشركات، ومع ذلك لم تبادر الحكومة لدعم تلك الشركات بعد الأزمة، كما فعلت كثير من دول العالم، مثل أميركا التي اشترت نحو 25 في المئة من أسهم شركة «جنرال موتورز» التي كانت على حافة الإفلاس بعد الأزمة، كما اشترت حصصا في شركات الرهن العقاري، وبعد سنوات قليلة بعد ان بدأ الاقتصاد الأميركي يتعافى باعت الحكومة الأميركية 10 في المئة من الحصة التي اشترتها من «جنرال موتورز» وحققت 5 مليارات دولار أرباحا، وفعلت الأمر ذاته مع شركات الرهن العقاري، وبذلك ربحت الحكومة هناك ومنعت انهيار شركات عملاقة.
في الكويت لم تتدخل الحكومة بعد الأزمة، أجرت مشاروات مع مجلس الأمة، لكن غالبية الأعضاء غير ملمين وليس لديهم خبرة بالأمور الاقتصادية، وتوقف الأمر هنا ولم تفعل الحكومة شيئا، عكس ما فعلته في أزمة الثمانينات حين تدخلت من خلال الهيئة العامة للاستثمار، واشترت أسهما وحصصا في شركات مدرجة، وباعت جزءا منها بعد انتعاش السوق، وحققت أرباحا، مثل شركة «أمريكانا» عندما اشترت السهم بنحو نصف دينار، وباعته بدينار، لماذا لا تعيد التجربة مرة ثانية؟.
والحكومة وقعت في الخطأ بإنشاء «المحفظة الوطنية» ووضعتها في شركات مدرجة لإدارتها من خلال الاستثمار في السوق، ونحن لا نشكك بذمة تلك الشركات، لكن من يدير المحفظة يمكن ان يتعرض لضغوظ من هنا أو هناك من داخل أو خارج الشركة، ويمكن ان يضطر تحت تلك الضغوط ان يشتري أسهما بغير إرادته، وقد يسهم ذلك في رفع أسعار أسهم شركات، ويؤثر سلبا على شركات أخرى.
في السابق كانت هناك شركتان تعملان كصانع سوق، وتم تحويل نشاطهيما وتغيرت ملامحهما، هذه الأمور مجتمعة جعلت الوضع الاقتصادي كما هو دون تغيير أو تقدّم.
• هل ترى خطة تنموية متكاملة الأركان؟
- خطة التنمية طرحتها الحكومة وعرضتها على مجلس الأمة، ومن بين بنودها زيادة أسعار البنزين، ولم يعترض أحد من النواب، وعندما بدأ تنفيذ السعر الجديد، وبدأت الناس تتحدث عن هذا الأمر، ويسألون النواب الذي يمثلونهم بدأ النواب يتحدثون ويعترضون ويستعرضون عضلاتهم، أين كان هؤلاء عندما طرح عليهم هذا الأمر من بدايته، ولم يعترضوا عليه؟ والجواب على ذلك إما انهم لم يفهموا هذا الأمر عندما طرح عليهم، أو أنهم لا يقرأون.
على الحكومة أن تبدأ بإصلاح البنية التحتية، وتطوير القطاع النفطي وتجديد المصافي الموجودة، وأن تطرح تلك المشاريع على الشركات المدرجة في البورصة، وأن تكون تلك الشركات ذات خبرة ومعرفة ولديها تجارب ناجحة، وهذا سيعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني وعلى المساهمين الكويتيين، وهم يمثلون الشريحة الأكبر من المواطنين.
• ما أبرز التحديات التي تواجه المستقبل الاقتصادي؟
- يجب إعادة النظر بالاقتصاد وتنويعه، فالدولة لم تقم بالجهد الكافي لتنويع الاقتصاد، وحتى الآن لايزال نحو 75 في المئة من الاقتصاد يعتمد على النفط.
• كيف واجهت شركات المقاولات المحلية تحديات انخفاض النفط؟
- انخفاض أسعار النفط انعكس على المقاولات، وكثير من المشاريع لم تطرح لهذا السبب، والدولة لم تف بتعهداتها بتعاملها مع شركات المقاولات، إذ إن الدفعات المستحقة على الحكومة تتأخر 3 أو 4 أشهر، وهذا ما يؤثر على إنجاز المشروع، فكيف لشركات المقاولات أن تفي بتعداتها للبنوك ورواتب الموظفين والعمال الذين قد يلجأون الى الإضراب في حال لم يتسلموا رواتبهم بالموعد المحدد، وحين تحصل إضرابات تأتي الحكومة وتفرض غرامات على الشركات مع أنها هي من تسبب بحصول تلك الإضرابات.
وفي الوقت ذاته، هي (الحكومة) من يضع شروط العقد، وهي من يخالفه، بينما يفترض أن تكون ميزانية كل مشروع متوفرة، وتصرف حسب بنود العقد وبالوقت المناسب وسداد الدفعات حسب مراحل تنفيذ المشروع.
وهناك أمر آخر مؤسف جدا، وهو أن وزارة الصحة على سبيل المثال طرحت 4 مشاريع، وفازت بها 4 شركات، ثم أعلنت الوزارة أنه لا يوجد ميزانية لتلك المشاريع وتم إلغاؤها، وكان يجب أن يكون هناك نظام ومحاسبة لمثل هذه الحالات، وبدون ذلك سنستمر في الممارسات الخاطئة.
• هل ترى ارتباط شركات المقاولات المحلية كوكيل لشركات أجنبية أمراً ضرورياً كشريك يستفيد من العقود التي تفوز بها شركات غير كويتية؟
- أعتقد أنه من الضروري أن يكون للشركات الأجنبية وكيل محلي، لأن الشركات المحلية ليس لديها، ولا تملك إمكانات الشركات الأجنبية لتنفيذ مشاريع كبرى، لذلك من الضروري أن يكون للشركات الأجنبية وكيل محلي حتى يكون تنفيذ المشاريع على مستوى عال من الجودة.
• هل تراها بيئة الأعمال المحلية جاذبة للمستثمر الأجنبي؟
- بيئة الأعمال المحلية غير جاذبة للمستثمر الكويتي، فكيف ستكون جاذبة للأجنبي؟، ففي الإمارات يقدمون تسهيلات لأي مستثمر أجنبي، وفي السعودية يسألون المستثمر عن مدة تنفيذ المشروع، ويراقبون مراحل التنفيذ، وفي حال انتهاء الفترة المتفق عليها، ولم ينجز المشروع يمنح فترة إضافية، وفي حال لم يتم إنجاز المشروع خلال تلك الفترة يسحب المشروع.
في الكويت تمنح الأراضي للمقربين من أصحاب القرار، توضع فيها بعض المعدات على أساس الالتزام بالعمل، بينما يكون ذلك لذر الرماد في العيون، ثم يقوم من حاز على تلك الأرض بالبحث عن مشتر لها. وهذه من ضمن الأمور التي حصلت معنا في مجموعة «عربي» عندما عرضت علينا أراضي من هذا النوع لاستثمارها، بينما كان يجب أن تمنح الأراضي لمن يحتاجها فعلاً.
• «عربي» من الشركات الكبرى في مجالها، كيف وضع الشركة حالياً، وهل استوعبت تداعيات انخفاض النفط؟
- مجموعة «عربي» لديها تنوع وتخصصات مختلفة في خدماتها، وهناك شركات تابعة كـ «عربي للمعدات»، وهي شركة متخصصة في المياه تحوز على حصة سوقية تصل الى نحو 45 في المئة في مجالها، مثل سخانات المياه المركزية، والبولرات المركزية، وتوانكي المياه والفلاتر المركزية وكل ما يتعلق بالمياه.
• هل ترى نتائج الشركة بشكل عام قابلة لتوزيعات من نوع ما عن السنة المالية الحالية؟
- نتائج الشركة جيدة، وعادة ما توزع أسهماً منحة، لأنها تحتاج إلى السيولة، وتفيدها في أوقات تأخر الحكومة في الدفعات.
• بعد فوز الشركة بمناقصة مشروع مستشفيات الضمان الصحي، ما رؤيتها لتنفيذ العقد، وهل من صعوبات تواجهها للبدء بالمشروع؟
- التنفيذ رهن إرادة الحكومة، من جهتنا أودعنا منذ سنتين المبالغ المستحقة علينا، وهي 26 مليون دينار، والهيئة العامة للاستثمار أودعت من جهتها المبالغ المستحقة عليها، ونحن والحكومة نملك 50 في المئة من رأس المال، 26 في المئة لـ «عربي» و24 في المئة لـ «الهيئة»، والـ 50 في المئة الباقية يفترض توزيعها على المواطنين، لكن لا نعرف هل توزع مجانا أم ان الحكومة هي من سيدفع قيمتها ؟ هذا أمر غير معروف حتى الآن، لكن بكل الأحوال يتوجب على الحكومة أن تودع قيمة الـ 50 في المئة (الحصة المخصصة للمواطنين).
والمشروع يتضمن إنشاء 3 مستشفيات، و12 مستوصفاً، بعد تسليم الأراضي واعتماد مطور المشروع، وتسلمنا الأراضي التي ستقام عليها المستشفيات، وحسب العقود الموقعة مع الحكومة يفترض أن يتم تنفيذ المشروع خلال 3 سنوات، مضى منها حتى الآن سنتين. وإذا تم تطبيق «الضمان الصحي» سيكون له عائد جيد جداً للشركة.
• هل يدرس مجلس الإدارة زيادة رأس المال لتلبية احتياجات تنفيذ المشروع؟
- فكّرنا فعلا بزيادة رأس المال، لكن علينا أولا التفكير بوضع المساهمين في ظل الظروف الحالية التي نعيشها، إذ إن السيولة قليلة والمشاريع المطروحة قليلة أيضا، لأن الحكومة تشتكي من الوضع المالي. التفكير بزيادة رأس المال موجود لكن ليس في الظروف الحالية.