أصدر المركز المالي الكويتي (المركز) مؤخرا تقريره حول قطاع البتروكيماويات في الكويت، تناول فيه وضع القطاع، وألقى الضوء على عوامل تحفيز النمو والفرص المتاحة فيه والتحديات الرئيسية التي تواجهه. كما عرض التقرير أيضا نبذة عن أهم الشركات العاملة في القطاع، وتضمن مقارنة بقطاعات البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
ويشير تقرير «المركز» الى أن نمو قطاع البتروكيماويات الكويتي انطلق من بدايات متواضعة في عام 1963 تعززه الاستثمارات الحكومية وازدهار قطاع إنتاج الهيدروكروبونات. وتم تأسيس شركة صناعة الكيماويات البترولية لتصبح الشركة الوحيدة العاملة في قطاع البتروكيماويات تحت إشراف مؤسسة البترول الكويتية، بينما تصنف جميع الشركات الأخرى العاملة في هذا القطاع إما كشركات تابعة لها أو مشاريع مشتركة معها.
وتتبع شركة صناعة الكيماويات البترولية «استراتيجية 2002 - 2020» لتطوير قطاع البتروكيماويات في دولة الكويت. وتقوم الرؤية الاستراتيجية للشركة على تطوير مصانع ضخمة متكاملة ومصافٍ للكيماويات البترولية في الكويت إلى جانب أسواق رئيسية أخرى كالهند والصين من خلال مشاريعها المشتركة.
وقد بدأت الحكومة الكويتية في عام 2010 بتنفيذ قانون يسمح بالاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة %100، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى اجتذاب مستثمرين أجانب وتشجيع شركات القطاع الخاص للدخول إلى قطاع البتروكيماويات، والذي يتم تمويله حتى الآن بشكل رئيسي من الحكومة الكويتية.
وتشمل قائمة المشاريع الكبرى التي تعمل شركة صناعة الكيماويات البترولية على إنشائها حاليا مصنع الأولفيينات - 3 في منطقة الشعيبة الصناعية في الكويت، والذي تقدر قيمته بسبعة مليارات دولار أميركي، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيله في عام 2017 أو 2018. كما تعمل شركة صناعة الكيماويات البترولية وشركة صينوبك SINOPEC على إنشاء مصفاة متكاملة في مقاطعة غواندونغ الصينية، من المتوقع أن يبدأ تشغيلها في عام 2017، وسوف تسهم هذه المصفاة في مساعدة الشركة على الاستفادة من سوق البتروكيماويات الضخمة في الصين. كذلك من المتوقع أن يتم تنفيذ مشاريع بتروكيماويات في الكويت على مدى الفترة من 2011 إلى 2017 تقدر قيمتها بما مجموعه 7.565 مليارات دولار.
وكان قطاع البتروكيماويات الكويتي قد واجه مشاكل في الماضي نتيجة انخفاض الطلب العالمي على مدى عامي 2008 و2009 خلال الأزمة المالية العالمية. غير أن الطلب على البتروكيماويات عاد لينتعش بعد عام 2010 مع تزايد معدلات النمو الاقتصادي وعلى الأخص في الأسواق الآسيوية الناشئة كالهند والصين. كما تشهد كل من الصين والهند اليوم نهضة عمرانية سريعة، ومن المتوقع أن يرتفع عدد سكان المدن في هاتين الدولتين بنسبة %50 بحلول عام 2020 مقارنةً بعام 2010. وسوف يؤدي هذا الى زيادة سريعة في الطلب على منتجات كالبلاستيك والبوليمرات. وتشير تقارير الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات أن الكويت قررت في ضوء توقعات تزايد الطلب رفع طاقتها الانتاجية في قطاع البتروكيماويات من 3.4 ملايين طن متري في عام 2012 الى 7.9 ملايين طن متري في عام 2015، أي بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة %32 خلا فترة الثلاث سنوات المذكورة.
وعلى الرغم من توقعات نمو قطاع البتروكيماويات الكويتي، غير أنه يواجه تحديات وعوائق على مسار نموه، منها المنافسة الشديدة من دول أخرى في المنطقة وعلى الأخص المملكة العربية السعودية والتي انفردت بنسبة %75.2 من اجمالي ايرادات قطاع البتروكيماويات في عام 2012. وتسيطر شركة الصناعات الأساسية (سابك) وهي شركة صناعة البتروكيماويات الأكبر في المنطقة على قطاع الكيماويات البترولية في دول مجلس التعاون الخليجي.
يتمثل التحدي الأكبر المرتقب في تقلص حجم المواد الخام المتوافرة من جهة وزيادة تكلفة استخراج المواد الخام من جهة أخرى. ومن المتوقع أن يشهد انتاج الغاز والذي يشكل المادة الخام الرئيسية في مصانع البتروكيماويات ذات القاعدة الأثيلينية، تراجعا مستمرا مع مرور الوقت في منطقة الخليج العربي.
كما أن انتاج البتروكيماويات في منطقة الخليج يعتمد بشكل أساسي على توريد مادة الايثان بأسعار منخفضة نسبيا. وتعتبر الايثان المادة المفضلة بسبب ميزة تكلفتها الواضحة، حيث تقوم دول مجلس التعاون بتوريد الايثان بسعر 0.75 دولار أميركي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مقارنة بما لا يقل عن 3.20 دولارات أميركية لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في كل من أوروبا وأميركا. وسوف يؤدي التحول الى المصانع التي تعتمد على النافتا في دول مجلس التعاون الى خسارة المنتجين لميزة التكلفة حيث انها سوف تصبح ملزمة بالحصول على النافتا بسعر السوق، كما أن أسعار النافتا متقلبة جدا.
كذلك تسهم الاحتياطيات النقدية القوية وميزة انخفاض أسعار المواد الخام في الاستفادة من سوق مشتقات البتروكيماويات بما يساعد قطاع البتروكيماويات الكويتي على تحقيق مستويات أعلى من النمو والتوسعة.
هذا وسوف يسهم التوسع في الاستثمارات في المصافي والكيماويات البترولية والدخل في المزيد من المشاريع المشتركة وتنويع محفظة المنتجات في مساعدة شركة صناعة الكيماويات البترولية على مواجهة التحديات وتحقيق أهدافها.
المصدر(جريدة القبس)