A+ A-
8أكتوبر
إجمالي أصول دار الاستثمار 332,9 مليون دينار وإجمالي مطلوباتها 866,3 مليون دينار

قدمت شركة دار الاستثمار السنة الماضية خطة جديدة لسداد الديون، طلبت بموجبها الاستمرار في الإفادة من الحماية التي يؤمنها قانون الاستقرار المالي، الذي كان حماها مدة 5 سنوات (2010 – 2015) من دون أي تقدم كبير على صعيدي إعادة هيكلة الشركة أو سداد ديونها ، ودرس بنك الكويت المركزي الطلب الجديد للشركة، وهذا التقرير أمام القاضي للنظر فيه خلال أيام قليلة، وأبرز ما فيه ما يلي :

1 – تشير بيانات المركز المالي للشركة المرفق بالخطة كما في 2017/6/30 إلى أن إجمالي أصول الشركة يبلغ نحو 332,9 مليون دينار كويتي، في حين يبلغ إجمالي مطلوباتها نحو 866.3 مليون دينار كويتي (بما يفوق إجمالي أصول الشركة بنحو 533,4 مليون دينار)، والتي تمثل نحو %38.4 من إجمالي هذه المطلوبات، ومن ثم فإن حقوق المساهمين في شركة دار الاستثمار تظهر بقيمة سالبة بنحو 533,4 مليون دينار (عجزا ماليا).
2 – ان الخطة تنطوي على اسقاط كامل التزامات شركة دار الاستثمار تجاه الدائنين اكتفاءً بتملكهم وإدارتهم لشركة مشاريع دسمان القابضة التي ستنتقل إليها أصول شركة دار الاستثمار البالغة نحو 332.9 مليون دينار كويتي، ومن مقتضى ذلك تنازل الدائنين عما يقارب %61.6 من حقوقهم تجاه شركة دار الاستثمار، وذلك بافتراض سلامة قيم تلك الأصول، وبطبيعة الحال، فإن إقرار المحكمة لهذه الخطة سوف يمثل فرض أمر واقع على الدائنين يتطلب تنازلهم عن نسبة كبيرة من حقوقهم تجاه هذه الشركة، وهو ما أقرت به الشركة بموجب كتابها المؤرخ 2017/11/7، حيث تسعى الشركة إلى غل يد الدائنين عن مطالبتها بمديونياتهم تجاهها اكتفاء بتحويل الأصول القائمة بدفاترها حالياً والتي تمثل نحو %38.4 من إجمالي تلك المديونيات.
3 – انه وفقاً لأحكام المادة 16 من القانون رقم 2 لسنة 2009 المشار إليه، فإنه يجب ان تلتزم الشركة بتقديم كل المستندات المؤيدة لطلب إعادة الهيكلة بما في ذلك المركز المالي وقائمة الديون وآجال استحقاقاتها والإطار العام لخطة إعادة الهيكلة وكل المتطلبات اللازمة لها، وتقرير مراقب الحسابات بشأنها.
وكما سبق ذكره فقد اقتصر التقرير المقدم رفق طلب الشركة إعادة الهيكلة على تقرير مراقب حسابات آخر غير مراقب حسابات الشركة المعين من قبل الجمعية العامة للشركة، وذلك عن المركز المالي للشركة كما في 2017/6/30 دون التطرق إلى باقي المستندات الأخرى المرفقة بهذا الطلب.
وفي تقديرنا أن تبرير الشركة ذلك بأن المشرع لم يطلب أن يقدم التقرير من مراقب حسابات الشركة أو مدقق حسابات معين قد جانبه الصواب، حيث إن النص الوارد بهذه المادة قد حدد من يُعد هذا التقرير بأنه مراقب الحسابات، وبطبيعة الحال فإن قصد المشرع من هذا التعريف لمراقب الحسابات لا يخرج عن كونه مراقب حسابات الشركة المعين من قبل الجمعية العامة لمساهميها.
وفضلاً عن ذلك، فإن الهدف من أن يكون التقرير المقدم عن المستندات المرفقة بطلب إعادة الهيكلة بما في ذلك المركز المالي هو تقرير مراقب حسابات الشركة وليس أي مراقب حسابات آخر، يرجع إلى تتابع واستمرار اختصاص مراقب حسابات الشركة في إعداد بياناتها المالية والتحقق من سلامة واتساق المعالجات المحاسبية ذات الصلة بإعداد هذه البيانات المالية، حيث إن هذا التقرير يجب أن يتضمن ما يؤكد سلامة الدفاتر المالية للشركة وانتظام القيد فيها ولا يقتصر الأمر على مدى تطابق ما يعكسه بيان المركز المالي مع ما تظهره هذه الدفاتر من أرقام، وهو الأمر الذي لن يتاح إلا لمراقب حسابات الشركة.
ولعل ما يعزز هذا الأمر ما أوضحته الشركة بكتابها المؤرخ 2017/11/7 من أن مراقبي حساباتها لن يقوموا بإعداد مركز مالي متفرد مدقق للشركة كما في 2017/6/30 لتقديمه ضمن المستندات المرفقة بطلب إعادة الهيكلة، وذلك دون الالتفات للبيانات المالية للأعوام السابقة والتي لم تُدقق من قبل مراقبي حساباتها منذ عام 2010 حتى عام 2016.
4 – مع الأخذ في الاعتبار ما سبق ذكره في البند 3 أعلاه، فإنه بافتراض سلامة المركز المالي المقدم من الشركة وأنه يعكس حقيقة الوضع المالي لها بما في ذلك سلامة تقييم الأصول التي سيتم نقلها للشركة الجديدة، وأن هذه الأصول تُمثل كل الأصول القائمة لدى شركة دار الاستثمار (وهو الأمر الذي لا يمكن التحقق منه)،
فلن يحصل أي دائن على كامل حقوقه، حيث إن الأصول تمثل نحو %38.4 من مستحقات الدائنين وفقاً لما أظهرته بيانات المركز المالي للشركة كما في 2017/6/30، فضلاً عن أي انخفاض قد يحدث في قيمة هذه الاصول عند البيع، علماً بأن المركز المالي المقدم رفقة الخطة لا يعكس الآثار المترتبة على حكم محكمة الاستئناف الصادر لمصلحة الشركات المقترضة من البنك التجاري الكويتي (شركة دار الاستثمار وبعض شركاتها التابعة)، والذي يقضي بإلغاء عقود بيع هذه الشركات لأسهم بنك بوبيان إلى البنك التجاري الكويتي مقابل القروض التي منحها البنك لها، مع مطالبة البنك المذكور بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد، مما يترتب عليه رد الأسهم للشركات المقترضة وريعها وفوائدها والمزايا التي قد يكون حصل البنك عليها، وإبطال كل التصرفات التي أجراها البنك على حسابات شركة دار الاستثمار، علماً بأن تنفيذ البنك التجاري لهذا الحكم سوف يترتب عليه قيامه برد كامل قيمة المنافع التي حصل عليها إلى شركة دار الاستثمار.
5 – انه لا يوجد أي مؤشرات عن قبول جميع الدائنين لهذه الخطة التي سيترتب عليها إهدار حقوقهم، حيث إن مرفقات الخطة – إن صحت – تشير الى أن بعض الدائنين الذين يمثلون نحو %40 من إجمالي عدد الدائنين ويمثل إجمالي مديونياتهم نحو %35 من إجمالي مستحقات الدائنين، يدعمون الخطة من دون الإشارة إلى حصول الشركة على موافقتهم الصريحة النهائية على هذه الخطة، علماً بأنه ورد بكتاب الشركة المؤرخ 2017/11/7 أن نسبة الدائنين الذين يدعمون الخطة قد بلغت نحو %63.
6 – ينطوي تنفيذ الخطة على النحو المقدم من الشركة على فقد الشركة لكل عناصر مركزها المالي (جميع الأصول والالتزامات)، فضلاً عن هلاك كل عناصر حقوق مساهميها، وبالتالي ينعدم مركزها المالي، وهو ما يعني انعدام وجود الشركة.
ولا يعطي وجود تراخيص للشركة (على الرغم من أنه لم يتبين لنا تجديد ترخيص الشركة الصادر من وزارة التجارة والصناعة من عدمه، كما أن هيئة أسواق المال قد سبق أن أصدرت قراراً بشطب الشركة لديها على النحو السالف الذكر)، أي سند من كل النواحي إلى وجود الشركة حيث تصبح الشركة في هذه الحالة والعدم سواء.
كما أنه لا ضمان بشأن قيام مساهميها بضخ رأسمال جديد للشركة بعد تنفيذ هذه الخطة، وفقد كل عناصر مركزها المالي، علما بأنه لا يجوز قياس الوضع، الذي ستصبح عليه الشركة بوضع شركة جديدة يتم تأسيسها، حيث انه في حال الشركة الجديدة يجب أن يقوم المؤسسون بدفع رأسمال الشركة كأحد الشروط اللازمة لإصدار الترخيص بإنشاء الشركة.
الرأي النهائي بشأن خطة إعادة الهيكلة
1 ــ ان الشركة لا تتمتع بالملاءة المطلوبة، التي تؤهلها للانضواء تحت مظلة الحماية من الدائنين، وفقا لأحكام هذا المرسوم بقانون رقم 2 لسنة 2009، بشأن تعزيز الاستقرار المالي في الدولة، على النحو الذي أظهره المركز المالي غير المدقق للشركة كما في 2017/6/30.
2 ــ ا ن ما قدمته الشركة لا يعتبر خطة لإعادة هيكلتها المالية، بل هو تسوية غير عادلة لمستحقات الدائنين، باعتبار أن قيمة الأصول، التي سيتم بيعها لاستيداء مستحقاتهم، تمثل نحو %38.4 من اجمالي هذه المستحقات بافتراض سلامة تلك القيم، فضلا عن أنه لم يؤخذ في الاعتبار كامل قيمة المنافع التي قضت محكمة الاستئناف بأحقية شركة دار الاستثمار لها.
3 ــ أن تحويل أصول شركة دار الاستثمار إلى شركة مشاريع دسمان القابضة، مقابل إلزام هذه الشركة بسداد المديونيات القائمة على شركة دار الاستثمار تجاه دائنيها، مع احتفاظ شركة دار الاستثمار بملكية الأسهم المخصصة للدائنين الرافضين للخطة، يعني في حقيقة الأمر أن هناك أمراً واقعاً ملزماً لهؤلاء الدائنين، بنقل مستحقاتهم تجاه الشركة الجديدة، ومن ثم لا تعتبر هذه الخطة طوعية للدائنين على نحو ما أفادت به الشركة، حيث إن الشركة تسعى إلى غل يد الدائنين عن مطالبة الشركة بمديونياتهم اكتفاء بتحويل الأصول الواردة في المركز المالي غير المدقق، بما يترتب عليه إسقاط نحو 533,4 مليون دينار من مديونيات شركة دار الاستثمار تجاه الدائنين، دون أن تتعهد الشركة بتحويل أي تدفقات نقدية أو أصول اخرى تظهر أحقية الشركة فيها مستقبلا الى شركة مشاريع دسمان القابضة.
4 – من المعلوم أن هيئة أسواق المال سبق ان قررت شطب الشركة وهناك نزاع قضائي بهذا الشأن، ومع ذلك فإنه بافتراض استمرار الشركة والحصول على حكم قضائي بإعادة قيدها لدى هيئة أسواق المال، فإن هذه الخطة لا تكفل ضمان تقديم مساهمي شركة دار الاستثمار الدعم المطلوب لها من خلال ضخ رأسمال جديد بشكل فوري، ومن ثم فإن المعالجة التي تقدمها الشركة تحت مسمى خطة اعادة الهيكلة – في حالة التصديق عليها – لن تكفل استمراريتها في مزاولة نشاطها وهو هدف اساسي من خضوع الشركة لأحكام الباب الثالث من المرسوم بقانون رقم 2 لسنة 2009، ونشير في هذا الخصوص الى ما سبق ذكره بشأن انعدام الشركة بعد فقد كل عناصر مركزها المالي.
وخلاصة ما سبق، فتجدر الاشارة الى ان المرسوم بقانون رقم 2 لسنة 2009 يهدف الى اتاحة الوقت اللازم لإدارة الشركة المتعثرة – إذا كانت هناك فرص لبقائها – لسداد التزاماتها تجاه الدائنين ومن ثم الاستمرار في مزاولة نشاطها، وتنطوي المعالجة المطروحة من شركة دار الاستثمار تحت مسمى خطة اعادة الهيكلة على بخس حقوق الدائنين بتنازلهم عن نحو %61.6 من حقوقهم مقابل تحويل اصول الشركة التي تمثل نحو %38.4 من قيمة المبالغ المستحقة للدائنين لشركة جديدة يتملكونها بنسبة دائنية كل منهم الى اجمالي مديونية الشركة تجاههم وتكون ادارة هذه الشركة بمعرفة هؤلاء الدائنين. وكما يبدو من ظاهر هذه المعالجة فإن شركة دار الاستثمار قد تركت جميع اصولها للدائنين، لكن في حقيقة الامر إن هذه المعالجة سيترتب عليها ابراء ذمة الشركة تجاه دائنيها في الوقت الذي تنفرد به الشركة بكامل قيمة اي تدفقات نقدية او اصول اخرى تظهر احقية الشركة فيها مستقبلاً، مثال ذلك الحكم الصادر لمصلحتها من محكمة الاستئناف بأحقيتها في المنافع المتعلقة بأسهم بنك بوبيان.
هذا فضلاً عن تحميل الدائنين مسؤولية ادارة هذه الاصول وتكبد اي خسائر تنتج عن تسييلها، وتمثل هذه المعالجة مكافأة للشركة وإدارتها، وغض النظر عن مسؤولية الشركة عن تدهور اوضاعها المالية على النحو السالف الذكر، وبدلاً من ان تعمل على تقديم خطة تكفل إدارتها للشركة بما يحقق تدفقات نقدية لسداد التزاماتها تجاه الدائنين، نجد الشركة تتهرب من هذا الدور المهم والرئيسي الذي يهدف إليه المرسوم بقانون رقم 2 لسنة 2009، ومن ثم فإن هذه المعالجة لا تحقق اهداف المرسوم بقانون المشار اليه تجاه الدائنين وتغل يدهم عن امكان مقاضاة الشركة والحصول على كامل القدر المتبقي من حقوقهم، واذا كانت الشركة جادة في سعيها نحو سداد حقوق دائنيها لكانت احسنت ادارة هذه الاصول منذ بدء ازمتها المالية عام 2008. وفي ضوء جميع ما تقدم، فإن بنك الكويت المركزي يرى عدم جدوى خطة اعادة الهيكلة المقدمة من شركة دار الاستثمار وفقاً لأحكام الباب الثالث من المرسوم بقانون رقم 2 لسنة 2009 بشأن تعزيز الاستقرار المالي في الدولة، حتى لا تتخذ أحكام ونصوص المرسوم بقانون رقم 2 لسنة 2009 المشار اليه كأداة لإهدار حقوق الدائنين وفرض تسويات غير عادلة لمستحقاتهم، وذلك وفق الاسباب السالف بيانها تفصيلاً بمتن التقرير.

مصدر الخبر: جريدة القبس الكويتية

© All Rights Reserved almowazi